اضطرابات القلب تلاحق مرضى فيروس كورونا

أوضح الباحثون بمركز العلوم الصحية بجامعة تكساس ومعهد تكساس لأمراض القلب بالولايات المتحدة، أن فيروس كورونا المستجد يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على صحة القلب. وابدى الاطباء قلقاً إزاء مضاعفات محتملة قد تطال بعض الأشخاص على صعيد صحة القلب والأوعية الدموية بعد أشهر من إصابتهم بفيروس كورونا، رغم أنه من المبكر جداً الجزم بوجود علاقة سببية في هذا الإطار.

قبل أيام، أكدت “أكاديمية الطب الفرنسية“، المخولة للاعلان عن الآراء العلمية التي يجمع عليها الجسم الطبي في فرنسا، أن “المراقبة السريرية للقلب والأوعية الدموية ضرورية لدى جميع المصابين بفيروس كورونا، حتى لو كانت الإصابة خفيفة”.

وأشارت الأكاديمية إلى وجود صلات خطرة بين فيروس كورونا وأمراض القلب والأوعية الدموية، بناءً على دراسات حديثة عدة. ومن المعلوم سابقاً أن مرضى القلب والأوعية الدموية يواجهون مخاطر أكبر للإصابة بالأشكال الخطرة من تحورات فيروس كورونا. ويعود ذلك خصوصاً إلى أن الفيروس سارس يتشبث بـمستقبِل أنزيمة ACE2 الموجود بشكل خاص في خلايا الأوعية الدموية.

هل من الممكن ان يؤثر فيروس كورونا على صحة القلب!

اضطرابات القلب تلاحق مرضى فيروس كورونا
اضطرابات القلب تلاحق مرضى فيروس كورونا

وبخصوص التأثيرات على صحة القلب والأوعية الدموية لدى الناس المصابة بفيروس كورونا و حتى المتعافين منها. أشارت الأكاديمية إلى أنه تم الإبلاغ حتى الآن عن تبعات دائمة على صحة القلب والأوعية الدموية فقط لدى مرضى دخلوا المستشفى (بسبب إصابتهم بكورونا)، ضمن سلسلة صغيرة ومع فترة متابعة قصيرة. لكن دراسة كبيرة أجريت في الولايات المتحدة ونشرتها مجلة “نيتشر” الشهر الماضي غيّرت المعادلة، بحسب الأكاديمية التي قالت إن نتائجها تنبئ بزيادة كبيرة في أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم بعد جائحة كورونا.

وأجريت هذه الدراسة على أكثر من 150 ألفاً من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي أصيبوا جميعاً بكورونا. وتم خلالها قياس وتيرة اضطرابات القلب والأوعية الدموية في السنة التي تلي الإصابة بكورونا، ومقارنتها بمجموعات تضم قدامى المحاربين الذين لم يصابوا بالعدوى.

وبينت نتائج الدراسة أنه “بعد 30 يوماً من الإصابة، يكون الأفراد المصابون بفيروس كورنا أكثر عرضةً للإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية، بينها خصوصاً حالات الاحتشاء أو الالتهاب في القلب أو السكتات الدماغية.

وتشير الدراسة إلى أن هذا الخطر موجود حتى لدى الأفراد الذين لم يدخلوا المستشفى بسبب إصابتهم بكورونا، رغم أن درجة هذا الخطر أدنى بكثير لدى هؤلاء المرضى. وأشاد باحثون كثر بهذا البحث، لا سيما أنه أجري على عدد كبير جداً من المرضى وعلى فترة طويلة. مع ذلك، أبدى خبراء تشكيكاً أكبر في صحة النتائج.

وقال الإحصائي البريطاني جيمس دويدج لوكالة “فرانس برس” :” إنه من الصعب للغاية استخلاص استنتاجات هامة من هذه الدراسة”، متحدثاً عن وجود الكثير من التحيزات المنهجية في البحث. ومن بين مواضع التحيز الواضحة بحسب دويدج هو أن قدامى المحاربين الأميركيين، رغم عددهم الكبير، هم فئة حساسة للغاية، لأنها تتكون إلى حد كبير من رجال كبار السن. لذلك فهي ليست بالضرورة تمثيلية للمجتمع عامةً، حتى لو سعى معدو الدراسة إلى تصحيح هذه التحيزات الإحصائية.

ويظل هذا التصحيح غير كافٍ بنظر دويدج الذي يشير إلى مشكلة أخرى وهي أن الدراسة لا تميز بوضوح إلى أي مدى تحدث الاضطرابات القلبية بعد فترة طويلة من الإصابة بكورونا. وبالتالي من خلال هاته الدراسة نلاحظ ان ثمة اختلاف في النتيجة إذا ما تعرض المريض للاضطرابات القلبية الوعائية بعد فترة قصيرة من الإصابة بكورونا (لا تتعدى شهراً ونصف) أو بعد عام تقريباً. وبحسب جيمس دويدج، لا تسمح الدراسة بالتمييز بشكل كاف بين المضاعفات طويلة المدى من تلك المرتبطة بالمرحلة الحادة من المرض.

مع ذلك، فإن هذا العمل الطبي يستحق التنويه لمجرد أنه موجود، وفق ما قاله طبيب القلب الفرنسي فلوريان زوريس لوكالة “فرانس برس”. كما اوضح زوريس انه لاحظ عيوباً كثيرة في الدراسة، لكنه اعتبر أنها تجعل من الممكن دعم الفرضيات التي يعتبرها أطباء قلب كثر “محتملة” في ما يتعلق بفيروس كورونا الذي حاله كحال الفيروسات الأخرى ( يمكن أن يسبب التهابات دائمة).

كما صرح قائلا: ” نعلم منذ فترة طويلة أن الالتهاب عامل خطر على القلب والأوعية الدموية. في الواقع، نسجل الأمر نفسه بالضبط مع الانفلونزا”. وذكّر بأنه في عشرينيات القرن الماضي، سجلت أمراض القلب والأوعية الدموية ازدياداً كبيراً في أعقاب جائحة الإنفلونزا الإسبانية.

أضف تعليق