لطالما اعتبرت جوائز الأوسكار جزءًا من بريق هوليوود وسحرها. قد يأتي الاختلاف في الطريقة التي يتم بها قياس النتوء الذي يقدمونه صناع السينما سواء في دولارات شباك التذاكر، أو المشاهدات المتدفقة، أو مبيعات الفيديو وتأجيره.

تعتبر جوائز الأوسكار الحدث الابرز الذي يتطلع اليه صناع السينما، يعتبرتمثال الرجل الاصلع الذهبي بمثابة “الكأس المقدسة” بالنسبة لأهل السينما الأميركية والعالمية. ولكن مع اقترابنا من حفل هذا العام المقررعرضه في الشهر القادم، فإن مستقبل السينما وجوائز الأوسكار نفسها غير مؤكدة كما كانت في أي وقت مضى في تاريخ المعرض الذي يبلغ 94 عامًا.
خلال السنوات الاخيرة وخاصة مع جائحة كورونا. شهدت نجاحات الافلام في شباك التذاكر نسبة قليلة من الايرادات خاصة تلك الافلام المترشجة لجائزة الاوسكار فبعض الاعمال لم تتصدر البوكس اوفيس حتى، لذلك قد لا تكون الأفلام التي فازت مألوفة للجمهور كما كانت من قبل.
تنافس المنصات الرقمية على جائزة الاوسكار
شهد ظهور البث للافلام في المنصات الرقمية ( هولو-امازون-نتفليكس-HBO…) كما هائلا من العروض السينمائية بالتزامن مع عرضها في السينما وحتى ابكر من وقت عرضها في دور العرض. باعتبار البث الحي للمنصات الرقمية شريان حياة للاستوديوهات دون أي طريقة أخرى لتوزيع أفلامهم.من الآن فصاعدًا، قد يكون بعض أكبر الفائزين في عرض الجوائز الذي يمجد الفن بالذهاب إلى السينما هي الأفلام التي لا ترى داخل المسرح أبدًا!
تقترب منصة نتفليكس بشكل كبير من الفوز بجائزة أوسكار أفضل فيلم سينمائي، والتي ترشح لها عدد من أفلامها على مدار السنوات الماضية ولكن لم ينجح أي منهم في الحصول عليها، لكن ربما يتغير الامر هذه السنة فقد حصدت المنصة على أعلى عدد من ترشيحات جوائز الأوسكار يقودها فيلم “The Power Of The Dog” ” بترشيحه بـ12 جائزة، من أبرزها جائزة أفضل فيلم.
حتى وان لم تفز احد اعمال نتفليكس باوسكار هاذا العام لكن من المحتمل ان تحصل على الجائزة في الاعوام القادمة. لما تحمله المنصة من دعم كبير للشذوذ وهذا بالضبط ما تطمح اليه جوائز الاوسكار بعد تحديث شروط قبولها لترشيح الاعمال السينمائية للجائزة المرموقة.
المعايير الجديدة مقتبسة من تلك الشروط التي وضعها من قبل معهد الفيلم البريطاني لأهلية التمويل في المملكة المتحدة، وكذلك في بعض فئات جوائز بافتا البريطانية، وتم التشاور مع نقابة المنتجين الأميركيين بشأنها. وطبقًا لبيان رئيس أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المعروفة بالاوسكار، تهدف المعايير الجديدة إلى أن تعكس الأفلام المشاركة تنوع سكان العالم، وأنها ستكون حافزًا لتغيير أساسي في صناعة السينما.حيث لن تقبل الأفلام للترشح إلا بتحقيق شرطين على الأقل من الشروط.
المعايير الجديدة التي نصتها الاكادمية لرتشيح الافلام للاوسكار
تنص المعايير على وجود على الأقل ممثل أو ممثلة في دور رئيسي أو في دور مساعد من مجموعة عرقية ( اسيا/ اسود البشرة/ شمال افريقيا و الشرق الاوسط/السكان الاصليون…) الى جانب 30% على الأقل من جميع الممثلين في الأدوار الثانوية (نساء/ شواذ و متحولون جنسيا / الاشخاص الذين يعانون من الاعاقة) كما من الملزم ان يتطرق الموضوع الرئيسي للفيلم على مجموعة من الناس المهمشة في المجتمع سواء العرقية او الجنسية!
وهذا بالضبط ما تبرع فيه انتاجات نتفليكس. وبالتالي يمكننا القول ان المعايير الجديدة التي نصتها الاكاديمية قد هضمت حرية المخرجين و الكتاب و قيدت طموحهم بالحصول على هذه الجائزة خاصة بالنسبة لصناع السينما الجدد. لان غالبية محترفي السينما القدامى بالفعل قد حازوا على الجائزة من مختلف الترشيحات و اكتفوا من هذا الحدث و البعض الاخر لا يرى الجائزة كمعياريثبت مدى احترافية و جاذبية عمله السنمائي. لكن من المؤكد ان الافلام التي ستترشح في الاعوام القادمة ستركز على ارضاء الجهات المعينة فقط دون اهتمام كاف بالفنيات الضرورية وبالتالي مع الاسف ستتجرد السينما من معناها الحقيقي مع مرور الوقت.
صراع افلام الكوميكس مع جائزة الاوسكار
عند الحديث عن جائزة الاوسكار لافضل فيلم دائما ما تتبادر في الاذهان افلام الدراما النفسية و افلام السيرة الذاتية و الملحمة التاريخية لانها ذات الحظ الاوفر بالفوز بالجائزة منذ انطلاق حفل توزيع الجوائز. لكن افلام السوبر هيروز لطالما كانت مهملة و خارج الاضواء كونها تعتبر من الافلام الهزلية التي لا تتناسب مع قيمة الجائزة الفنية. لكن مع مرور الوقت تحررت القيود على الافلام المستوحاة من الكوميكس بترشيح اول فيلم مقتبش عن شخصيات الكوميكس خلال السبعينات وهو فيلم Superman (القصة الكلاسيكية لشخصية البطل الخارق سوبرمان) حيث نال الفيلم جائزة الاوسكار للانجاز المتميز وهي جائزة خاصة لا تلتزم الاكاديمية بمنحها سنويا.
بعد الاشادة الواسعة بفيلم سوبرمان ظهرت فيما بعد ثنائية فيلم باتمان من اخراج تيم بورتون حيث احدث ضجة كبيرة في دور العرض و اشاد به المتفرجين و النقاد على حد سواء بمختلف عناصره الفنية من معالجة السينايو و الاخراج وطاقم الممثلين و المؤثرات البصرية. ترشح الفيلم لجائزتي اوسكار من فئة افضل مؤثرات بصرية و افضل مكياج لكن لم يحالفه الحظ في الفوز باي جائزة منهم.
بعد سوبرمان و باتمان ترشحت العديد من الافلام المستوحاة من قصص الكوميكس ابرزها فيلم The Mask من بطولة النجم جيم كاري و كاميرون دياز و سلسلة Men In Black من بطولة ويل سميث و تومي لي جونز. و ثنائية فيلم Spiderman التي قدمها توبي مغواير. لكن مع كل هاته الافلام لم يترشح اي منهم لجوائز رفيعة كجائزة افضل ممثل او افضل فيلم فيما تحصل البعض من هاته الاعمال عن جائزة افضل مؤثرات بصرية.
لكن التغيير الحقيقي طرا عام 2008 في ترشيحات الجائزة المرموقة. بسيطرة فيلم The Dark Knight على مختلف ترشيحات الاوسكار محطما الرقم القياسي ب8 ترشيحات و يفوز ب2 الاولى افضل ممثل في دور مساعد “هيث ليدجر” والثانية من فئة أفضل مونتاج صوتي. كما اعتبر كأفضل الأفلام التي قدمت شخصية باتمان على الإطلاق، كما تم إدراجه في المرتبة الثالثة في قائمة تصنيف أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما.
بعد هيمنة هذا العمل على صندوق الايرادات و حصوله على العديد من الترشيحات. تنافست العديد من الاعمال على الاوسكار(افضل مكياج و افضل مؤثرات بصرية) ابرزهم اعمال مارفل (Iron Man/ Guardians of the galaxy/X men/ Avengers/ doctor strange/ captain America).
لكن عام 2020 شهد تنافسا غير طبيعي للاعمال السنمائية ابرزها الفيلم Joker ليحصل الممثل خواكين فينكس جائزة افضل ممثل في دور رئيسي بتجسيده شخصية الجوكر ليكون هذا فوزه الاول بالجائزة و سبق ترشيحه للجائزة 3 مرات من قبل. وتعد هذه المرة الثانية التي تفوز بها شخصية الجوكر من عالم DC بعد فوز هيث ليدجر عام 2008.
مع كل الاشادات التي يحصل عليها صناع الافلام المستوحاة من الكوميكس الا انه لا يزالوا يتعرضون للانتقاد خصوصا من طرف اعرق المخرجين ابرزهم مارتن سكورسيزي و فرانسيس فورد كوبولا حيث يعتبران ان هذا النوع من الافلام لا يعتبر فنا بل نوعا اخر من السينما.
تصويت الجمهور لاوسكار 2022
منحت لجنة الاوسكار لعام 2022 الجمهور الحق في التصويت لاول مرة لافضل الافلام من وجهة نظرهم لمنحها جائزة الاوسكار, وهذا تعويضا لما خلفته جائحة كورونا من خسائر. ويمكن لمستخدمي تويتر التصويت لفيلمهم المفضل من اصدار 2021 بادراج هاشتاغ “OscarsFanFavorite” و يصوت الجمهور ايضا للحظتهم المفضلة في الفيلم باستخدام هاشتاغ ” OscarsCheerMoment” مع توضيح سبب اختيار تلك اللحظة. او التصويت عبر الموقع http://oscarsfanfavorite.com وينصح الراغبين بالمشاركة في التصويت من المنطقة العربية باللجوء الى الطريقة الاولى والتصويت في تويتر عبر الهاشتاغ. لعدم توفر خدمة التصويت عبر الموقع في المنطقة العربية. كما اعلنت الاكاديمية ان بامكان الجمهور التصويت حتى 20 مرة في اليوم لزيادة فرصتهم في الربح برحلة للدورة 94 من جوائز الاوسكار مدفوعة التكاليف.
على راس الافلام التي بادر الجمهور بالتصويت لها هو فيلم Spider-man No Way Home خاصة بعدما شعر الجمهور بالخذلان والحزن لعدم ترشيح هذا الاخير لجائزة اوسكار افضل فيلم. و اكتفاء الاكاديمية بترشيحه لافضل مؤثرات بصرية. وبالتالي وجد الجمهور املا جديدا من خلال هذا التصويت في ترشيح فيلمهم المفضل سبايدرمان خاصة بعدما حطم رقما قياسيا في شباك التذاكر بايرادات تقدر بمليار و 542 مليون دولار.